نشرت الصفحة الرسمية للنادي الأهلي على فيسبوك فيديو للمتحف المصري الكبير احتفالاً بافتتاحه اليوم السبت وعلقت قائلة: “صباح الخير يا مصر”. قبل ساعات من الافتتاح، تجاوزت القاهرة حدود الاحتفال الثقافي لتعلن سيادتها على الذاكرة الإنسانية، فالمتحف ليس فقط صرحاً أثرياً أو مشروعاً سياحياً، بل هو تتويج للسيادة الرمزية للدولة المصرية وتجسيد لرؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي في بناء وعي جديد يعيد للهوية المصرية مكانتها المستحقة في وجدان العالم.
منذ توليه المسؤولية، أكد الرئيس السيسي أن الوعي هو أساس بقاء الدولة وأن معركة مصر الحقيقية معركة الوعي والهوية لا تقل أهمية عن معركة التنمية والبناء، لذلك جاءت فلسفة الجمهورية الجديدة التي لا تقتصر على إعادة بناء العمران فقط، بل تبعث روح الإنسان المصري بثقة وإيمان. يأتي المتحف المصري الكبير ليجسد هذه الفلسفة في أبهى صورها كمرقد للوعي القومي ومركز لتجديد العلاقة بين المواطن وتاريخه، وبين الماضي والمستقبل، وبين مصر والعالم.
يشير المحرر الدبلوماسي لوكالة أنباء الشرق الأوسط إلى أن هذا الحدث يُقرأ في عواصم العالم على أنه تتويج لمسار طويل من الدبلوماسية الحضارية المصرية التي أعادت تقديم مصر كقوة ناعمة ذات سيادة ثقافية وتأثير عالمي متجدد. فالمتحف الكبير لا يمثل إنجازاً أثرياً فقط، بل رسالة سياسية رمزية تؤكد أن مصر تمتلك سرديتها الحضارية وتفرضها بثقة على الوعي الدولي في وقت تتنافس فيه الأمم على الهوية والمعنى والرمز.
تُظهر مشاركة قادة ومسؤولي كبريات الدول في حفل الافتتاح واهتمام وسائل الإعلام العالمية بالحدث إدراكاً عالمياً بأن مصر تستعيد زمام المبادرة في صياغة صورتها الحضارية أمام العالم بعد أن ظلت لعقود موضوع قراءة من الخارج، واليوم تقدم نفسها من جديد بوصفها صاحبة السيادة على ذاكرتها وسردها وتاريخها في نموذج يجمع بين الحداثة والخلود، وبين الأصالة والانفتاح على المستقبل. يقول المحرر الدبلوماسي إن هذا الافتتاح يمثل ذروة الدبلوماسية الحضارية المصرية التي تعيد تقديم مصر للعالم باعتبارها قوة ثقافية ذات سيادة تمتلك سرديتها الخاصة وتتحكم في كيفية قراءة تاريخها، فالمتحف الكبير ليس مجرد بيت للآثار بل العاصمة الرمزية للروح المصرية حيث تمتزج الدقة العلمية بالخيال الفني وتتقاطع الذاكرة مع الرؤية لتعلن ميلاد عصر جديد من القوة الناعمة المتجددة التي تعبّر عن مصر بثقة وإبداع.
تزامن افتتاح المتحف مع تحولات كبرى تشهدها الدولة المصرية من العاصمة الإدارية الجديدة إلى مبادرة “حياة كريمة”، ومن مشروعات إحياء القاهرة التاريخية إلى إعادة الاعتبار للقرية المصرية، كلها حلقات في مشروع وطني واحد هدفه استعادة السيادة الشاملة السياسية والاقتصادية والثقافية تحت راية رؤية رئاسية تؤمن بأن الحضارة ليست ترفاً ولا ماضياً، بل أداة قوة وأمن قومي. في المقابل، تعيش مصر حالة وجدانية غير مسبوقة مع هذا الحدث، فمشاعر الفخر والانتماء تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي والشارع من العمال الذين ساهموا في إنشاء الصرح التاريخي إلى طلاب الجامعات والفنانين والمثقفين الذين يرون في المتحف مرآة لهويتهم وإثباتاً لقيمة بلدهم.
يتحدث المواطن العادي اليوم عن هندسة المتحف وتصميمه ومقتنياته كما يتحدث عن لحظات فخره الوطنية وأحلامه الشخصية، مما يدل على أن الثقافة عادت لتصبح جزءاً من الوعي الشعبي وأن السيادة الثقافية تحولت من مفهوم نخبوي إلى حالة جماعية. امتد تأثير هذا الزخم إلى الأطفال الذين يرسمون المتحف في دفاترهم المدرسية أو يلتقطون صوراً أمامه، معتبرينه رمزاً لوطن كبير يفخرون بالانتماء إليه، فتتشكل ذاكرتهم الوطنية على عتبة هذا الميلاد الحضاري، ما يعكس انتقال الوعي الثقافي إلى الأجيال الجديدة في أبهى صوره. كما امتد صدى هذه الحالة إلى المصريين في الخارج الذين تابعوا الاستعدادات للحدث بشغف وفخر معتبرين أن المتحف يعيد تعريف صورة مصر في الوجدان العالمي.

